حسين خوجلي : مضادات حيوية
حدقات نيوز
(١)
ولأن الرجل اسمه الغالي (والغالي) ضد (المرتخص)، ولأنه (فريق) والفريق ضد (الفردانية)، ولأنه من القوات المسلحة والقوات المسلحة تظل الحزب السوداني الوحيد المتفق عليه، ولأنه كان يتحدث في مقام معرفي مشهود فكان يتوجب عليه أن ينتبه إلى أفكاره ومفرداته.
لقد صدم (سعادته) الجميع بعبارته الناشزة (كل كوز ندوسو دوس) وهي عبارة ترفعت عنها حتى حفيدات تومات كوستي في التمتم السياسي المعاصر، فكيف يتسفل إلى سفحها رتبة في هذا المقام؟
كان أولى بالرجل أن يقول: (ستحافظ القوات المسلحة على وسطيتها واعتدالها، وستكون علاقتها بكل القوى السياسية من مسافة متساوية من الجميع، لأن كل أبناء السودان من رعاياها تحفظ كرامتهم وفق القانون والشرعية المفضية إلى الديمقراطية كما فعل كبيرنا المشير المفدى الراحل عبد الرحمن سوار الدهب. فإن آلت الشرعية بعد الانتخابات الشفافة لمن يرتضيه الشعب فستحمي القوات المسلحة الحريات والحكومة الجديدة، وتعد إلى سكناتها وإلى دورها الأشرف والأرفع لحماية الأرض والعرض ضد المؤامرات الظاهرة والباطنة والخارجين عن القانون والمتفلتين والمغامرين)
ولكن لشيء في قلب يعقوب تزلف الرجل بغرضه المكشوف ففقد احترام المواليين والخصوم معاً، ولأن العبارة لم تكن غاليه يا غالي فقد اقتحمتك الأعين والأقلام والمقالات، واكتسحك عقاب الكتاب وفصاحة الصحافة وجرأة السوشيال ميديا. فقد كانت معظم الكتابات القارصة من مقام (ون مان شو .. الفريق رشو) وكما تُدين تُدان.
(٢)
لقد تصرف هذه المرة الدكتور عبد الله حمدوك تصرف رجل دولة فقد أعاد الحكام العسكريين إلى ولاياتهم ليس انتقاصا لحق المدنيين في الحكم والحاكمية، ولكن يظلُ للاضطرارِ فقهٌ وعقلانية. وللمعترضين والمعارضين نقول: (بالله عليكم ماذا سيفعل (ملكي) في حزب أقلية، وبلا حاضنة سياسية في تلك الفيافي المجدبة الخدمات بلا صحة ولا تعليم ولا ميزانية ولا وقود ولا خبز ولا بندقية؟
في هذه فقط وليس في غيرها “شكرا حمدوك”!!!
(٣)
أن تعترض وتعارض وأن تختصم وتخاصم النظام المصري فهذا خيارٌ سياسي، أما أن تدعو لظمأ مصر وحرمانها من الماء والكهرباء واصابة ملايينها المنتجة بالجدب وضرب شعبها بالمجاعة والاذلال عبر المناصرة غير العقلانية لسد النهضة، فهذا يُدخل من يتبناه في باب الخيانة الانسانية والوطنية العظمى.
نحن مع حق الجارة اثيوبيا في الرخاء والتنمية، ولكن عبر كرامة مصر لا عبر اذلالها وتركيعها.