بروفيسور علي عيسى عبد الرحمن
ايام عيد الفداء كانت حافلة بالأحداث منها تعيين ولاة الولايات السودانيّة وفيها تمّ توقيع الإعلان السياسي بين مجموعة عبد العزيز الحلو و تجمع المهنيين المنشق عن إعلان قوى الحريّة والتغيير ، كما شهدت أيام عيد الفداء خطبة الإمام المهدي يوم الجمعة والعيد وهي أشبه بالدعاية الإنتخابيّة وتقديم نفسه كبديل ديمقراطي بعد فشل الرفاق الذي أعلنه الإمام من جانبه .
ضمن أحداث عطلة عيد الفداء الفيديو الذي تحدث فيه عضو لجنة التفكيك ومحاربة الفساد واسترداد الأموال ، صلاح مناع ، في مقابلة بقناة الهلال حيث تحدث عن لقاء جمعه مع قوش وبحضور حمدوك ورجل الأعمال مو ابراهيم بأديس أبابا العاصمة الأثيوبية ، وطرح في اللقاء الجنرال قوش خيار الإنقلاب العسكري على نظام البشير ولكن رفض رجل الأعمال مو ابراهيم الفكرة .
خيار الإنقلاب هو ماطرحه قوش وهو يسوّق نفسه لقحت منذ أن كانت ثورة ديسمبر في رحم الغيب فالوصال قديم ، ليلجأ الجنرال قوش الى خيار الثورة بعد أن رفض الفرقاء فكرة الإنقلاب باعتباره استبدال عسكر بآخرين كما قال رجل الأعمال ( مو ابراهيم ).
المهندس الجنرال قوش هو الذي هندس الانتقال غير السلس كأسوء ثورة وأسوء انقلاب يشهده السودان ، مكّن لأقليّة وجعل الأغلبيّة الصامتة تتفرج لا حول لها ولا قوّة ، فهل كان المهندس الجنرال يدرك عاقبة فعله على مستقبل السودان ؟ وقد قيل (غلطة الشاطر بألف ) وهل يعقل ذهاب أكثر من نصف أعضاء المجلس العسكري الذي قام بالإنقلاب بما فيهم الجنرال قوش وظهور وجوه جديدة ؟
تتعالى هذه الأيام الأصوات بعودة الجنرال الغائب قوش ليملأ السودان عدل ورخاءً بعد أن عاث الرفاق فيه ظلماً وشقاءً ، كما يعتنق الشيعة عقيدة الإمام الغائب ولعل المجاهد إسحاق أحمد فضل الله تولي قيادة هذه الأصوات بعشرات المقالات التي ينسي بعضها البعض كما الحال في سلسلة رواية ألف ليلة وليلة حتى جعل متابعيه ومعجبيه يشمئزون من هذه الروايات السمجة عن القائد الغائب والتي لاتنتهي .
الجنرال قوش قاد إنقلابين الأوّل فشل وكتب النجاح للثاني ، قاد الإنقلابين وهو المحسوب على النظام الذي انقلب عليه ولعله أحرز بذلك الرقم القياسي في الانقلابات على الأقل على مستوى السودان ، ولو قدر لإنقلابه الناعم أن ينجح ويتسنّم حكم السودان فعلى السودان أن يحتفي بمقدمه الميمون .
صحيح جماعة (قحت) لم تطالب به ليحاكم فهو ولي نعمتها وحامل أسرارها ولكن تظلّ عودة قوش ليلعب مجدداّ دوراً قيادياً في السودان لا يقبلها عقل ولا يسندها منطق ولا يمكن أن تتم حتى في جمهوريات الموز، فالشمس الواحدة لا تشرق في اليوم مرتين كما لا يمكن أن يكون البطل بطلين في الفيلم الواحد .
يظلّ الجنرال قوش غير مأمون لدى قحت مهما قدّم لها من تسهيلات ، ويظلّ كذلك بلا حاضنة حيث يتهمه الإسلاميون بالغدر ، ليصبح مصير أولئك الذين ينتظرون عودة قوش كالممسك ( ضنب الككو ) حيث يتحايل عليه الككو بحثاً عن الخلاص وحتى لو ظفر بضنب الككو فبئس الغنيمة هي وأنّ أضعف (الضنوب لضنب الككو) .
من المعروف أنّ الشيوعيين إقصائيون لا يقبلون الآخر ومن هنا تصعب عودة قوش لقيادة البلاد ، ولكن تظلّ امكانيّة عودته قائمة في حالة واحدة اذا كان الجنرال قوش في الأصل كادراً شيوعياً وتمت زراعته داخل الكيزان ، وآن أوان عودته الى حاضنته السياسيّة وهنا فقط يمكن أن يعود الجنرال قوش الى الواجهة ويقود البلاد .