حسين خوجلي : إلا حمدوك… قراءة ثانية للمشهد !
عندما تبلغ الازمة السياسية والاقتصادية والامنية مداها في اي قطر مصاب.. فإن المتحكمين في المسرح الوطني هم أهل التخابر والجريمة المنظمة والمغامرين والمتفلتين وأصحاب العقائد العدمية الذين لا يؤمنون في الصندوق ولا الديمقراطية وكل هؤلاء لا تتحقق أحلامهم الكالحة في السيطرة إلابالفوضى التي ينطلق لهيبها بشرارة القتل المدروس بعناية والمتمثل في ضحية مفتاحية أو شهيد أو قتيل يبعث الثأر الذي لا تتوقف متواليته الهندسية ولا تراكمات احداثه .
ولأن الفتنة والكيد والمؤامرة صارت في زماننا هذا تحتاج لسيناريو وأبطال ومخرج ومنتج ولحظة عرض تاريخية ,فقد خاف أغلب الحكماء وأهل الخبرة الوطنيون من موكب جرد الحساب. لاسباب عدة اولا غموض الدعوة والداعي خاصة وأن بطاقاتها بلا أسماء ولا عنوان بعد ان إنفض سامر تجمع المهنيين وبعد أن تساقطت اوراق الخريف من شجيرة تجمع الحرية والتغيير العجفاء تارة بالتجميد وأخرى بالتعميد وثالثة بالتهويد . وهذا مقام للوطنية والتجرد نقول فيه بمنتهى الجرأة والصراحة ونكران الذات:
إن إمتناع الدكتور حمدوك عن إستلام مذكرة المتظاهرين كان موقفا حكيما وتقديرا تخابريا صائبا وإحترافيا بإمتياز.ففي مثل هذه المواكب التي تجمع الكثير من الثوار المثاليين والصادقين والابرياء فانها تجمع أيضا في جوفها العجيب الغريب والهيب والضيب كما يقول أهلنا في بادية السودان, وفيها أيضا بعض مرتزقة المخابرات الغريبة والقريبة والصائدون في المياه العكرة والاقليات المهجرة والفكرية التي لاتعيش إلا في أنهر الدم وأودية العدم.
صحيح أن خسارة الرجل سياسيا في في مثل هذه الظروف الصاخبة فادحة ومما يخفف من وطأتها أن خسارة البلاد والعباد كانت ستكون أفدح إذا إنطلقت لا قدر الله رصاصة خائنة وحمقاء من مجهول مشترى أو
ظلامي مأفون.
أنا شخصيا لا أعتقد ان رفضك الخروج إلى أبنائك هذه المرة كان جبنا بل كان تقديرا رصينا وموقفا عقلانيا إنها شهادة للتاريخ وإشادة من منصة المعارضين لا منصة الخصوم مع إحتفاظنا بكل إنتقاداتنا السابقة واللاحقة. وفي سبيل هذا الوطن الجميل الذي يسع الجميع ونكاية في الداعين لمجتمع الكراهية,لا ضير في إحتمال عتاب ابو الطيب مع خصومة سيف الدولة المستلف من ديوان القصيدة المادحة للقحاطة قديما:
فإن يكن الفعل الذي ساء واحدا
فأفعاله اللائي سررن ألوف .