بروفيسور علي عيسى يكتب رسالة لدكتور الجزولي في معتقله
رسالة من البروفيسورعلي عيسى عبد الرحمن
الى الحبيب الدكتور محمد علي الجزولي (أيقونة رؤساء الأحزاب السياسيّة بالسودان)
قال تعالى (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)* سورة الأنفال الآية 30
اختار كفار قريش خيار قتل الرسول عليه السلام بين الخيارات الثلاثة وهوالأفضل للتخلص النهائي من النبي محمد عليه السلام وبالتالي انهاء رسالته القائمة على المبادئ والقيم ، بينما اختار علمانيو السودان تطبيق الخيار الأوّل ( ليثبتوك) ( ليحبسوك ) أخي الحبيب ، ليتخلصوا بذلك من دعوتك القائمة على الحق والتي تفضح دعوتهم الباطلة التي تريد شراً بالبلاد والعباد .
أقول لك أخي الحبيب ماقاله الشهيد سيد قطب
أَخِي أنت حرٌّ وراء السدود أخي أنت حرٌّ بتلك القيود
إذا كنت بالله مستعصما فماذا يَضيرُك كيدُ العبيد؟
أخي ستُبيد جيوش الظلام ويُشرق في الكون فجر جديد
فأطلق لروحك إشراقها ترى الفجر يرمقنا من بعيد
أخي قد أصابك سهم ذليل وغدرا رماك ذراع كليل
ستُبتَر يوماً فصبرٌ جميل ولم يدمَ بعدُ عرين الأسود
أخي قد سرت من يديك الدماء أبت أن تُشلَّ بقيد الإماء
سترفع قربانها للسماء مخضبة بوسام الخلود
ولكنّك أخي الحبيب لا تدعني دون أن ترد ، وها أنت تردّ أيضاًعلى طريقة الشهيد سيد قطب وتقول :
أخي إنني اليوم صلب المراس أدكُّ صخور الجبال الرواس
غدا سأشيحُ بفأسِ الخلاص رؤوسَ الأفاعي إلى أن تبيد
أخي إنني ما سئمتُ الكفاح ولا أنا ألقيتُ عني السلاح
فإنْ أنا مِتُّ فإني شهيد وأنت ستمضي بنصر مجيد
سأثأر ولكن لربٍ ودين وأمضي على سنتي في يقين
فإما إلى النصر فوق الأنام وإما إلى الله في الخالدين
حقاً أخي الحبيب أنهما خياران لا ثالث لهما (النصر أو الشهادة ) فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم .
أقول لك أخي الحبيب ما قاله محمد إقبال وكان وثيق الصلة بأحداث المجتمع الهنديحتى أصبح رئيسا لحزب العصبة الإسلامية في الهند ثم العضو البارز في مؤتمر مدينة الله أباد التاريخي حيث نادى بضرورة انفصال المسلمين عن الهندوس ونادى بتأسيس دولة إسلامية اقترح لها اسم باكستان، يقول إقبال وقد تعرض للأذي من قبل الهندوس :
خذو دنياكم عني فإني أعظمكم دنيا وإن خلتموني شريداً طريدا
كانت رغبة إقبال في التجديد وتحطيم القيود فقال: “كل حياة لا تجديد فيها ولا ثورة، أشبه بالموت. إن الصراع هو روح حياة الأمم ، إنّ أمة تحاسب عملها في كل زمان ، هي سيف بتار في يد القدر، لا يقاومها ولا يقف في وجهها شيء”.
أخي أعلم أنّك معزول عن العالم (وراء السدود ) ولكني علي علم بأنك تعلم ما يدور هنا، لأنّ ما يدور قد قلته أنت ، وتوصلت الى مآلاته سلفاً عبر الاستنباط ، وقمت بتمليك الحقائق الى هؤلاء فماذا بعد الحقّ ؟ إلا الضلال ، فهم الآن في ضلالهم يعمهون فما حذرت عنه من تفكيك القوات المسلحة تمّ توقيعه في جوبا وقد تم التوقيع الذي يمهّد لتقطيع أوصال البلاد.
أخي الحبيب تفتقر الساحة السودانيّة الآن الى من يقود السودان الى بر الأمان ، فليس كل رئيس زعيم ، فالرئيس هو بمثابة موظف كبير يتحرك ضمن ميدان تقليدي وما أكثرالرؤساء أمّا الزعيم فهو من يصنع الأحداث ويخطط ويقود ويبدع ، ويوجد زعيم واحد حكم السودان هو الزعيم الآزهري ومن زعماء العالم ، الزعيم غاندي وماوتسي تونع ومانديلا ، فالزعماء قلة في العالم وهم من يحملون الفكر الإبداعي لإنقاذ شعوبهم ، والأعداء عادة لا يريدون أن يكون لدول العالم الثالث زعماء إصلاحيون لذلك يكيدون كيداً للحيلولة دون تصدرهم المشهد ، فليس أمامه إلا أن (يثبتوك) .
وفي الختام أردد ما قاله المتنبئ
كُلَّ يَومٍ لَكَ اِحتِمالٌ جَديدُ وَمَسيرٌ لِلمَجدِ فيهِ مُقامُ
وَإِذا كانَتِ النُفوسُ كِبارا تعِبَت في مُرادِها الأَجسامُ