إضراب نادي النيابة ..من يصلح الملح إذا الملح فسد
د.معتصم عثمان
من يصلح الملح إذا الملح فسد , أبتدر حديثي بهذه المقولة , تعليقا على الحلقة التي شاهدتها بقناة الهلال و قد تحدث فيها مولانا مهند محمد الأمين وكيل النيابة.
فقد تحدث مولانا مهند بحديث خطير جدا بخصوص هذا الإضراب الذي بدأ قبل أيام بواسطة وكلاء النيابة , و قد نجح في يومه الأول حسب كلامه بنسبة 88% أي حوالي 490 وكيل نيابة من جملة 563 , وقد كانت مطالبهم التي توجهوا بها لمجلس السيادة هي إقالة النائب العام بأعتبار مجلس السيادة هو من عين النائب العام .
و من ضمن نقاط حديثه التي ذكرها ان النائب العام لديه بعض الأخطاء الإدارية و بعض الأخطاء التنفيذية و قد عزا الأخطاء الإدارية لعدم خبرة النائب العام بالوظيفة التي تقلدها و هي و ظيفة حساسة جدا لا يمكن ان يعين فيها شخص عديم الخبرة و هو رأس هرم العدالة بالبلاد , و قد أشار في حديثه لبعض النقاط المتعلقة بيهكلة المكاتب الإدارية , فقد كان من المفترض أن يت تصحيح النظام النيابي عموما و هي أحد مطالب الثورة , لكن وكلاء النيابة لم يشعروا بأي تقدم في هذه النقطة , كما أنهم لم يقدموا هذا النائب العام و رأوا أن هنالك قصور من النائب في هذا الجانب الإداري و الأهم من ذلك هو مسألة الأخطاء التنفيذية و هذا يعني أخطاء في العدالة و تحقيقها .
و لا أظن ان هنالك دولة بدون قضاء وعدالة و إذا إنتقد الناس او قدحوا في عدالة بلد ما فهذا يعني انه غير صالح للعيش و لن يكون فيه إستقرار و أمن , و مولانا مهند الآن هو و كيل نيابة ينتقد النائب العام و يتحدث بأسم نادي وكلاء النيابة و هم من قدموا طلب إقالة النائب العام للمجلس السيادي .
أيضا من ضمن الملاحظات على حديث مولانا مهند قوله أنهم حاولوا معه كثيرا – أي النائب العام – في مسألة تصحيح الأخطاء و هو يعدهم بتصحيحها ثم يكتشفون أنه لم يحقق شيئا في هذه المسألة , كما يرى النادي كما أشار مولانا مهند أن العدالة مسيسة و هذ شيء خطير وغير مقبول , و مفترض أن النائب العام حر من القيود السياسية و الأيدلوجية لتكون له مساحة حرة في تنفيذ و تحقيق العدالة , وهذا عكس ما يرى نادي النيابة حيث أن النائب العام وضع النيابة العامة تحت التأثير السياسي و السياسين , وهذه أحدى المشاكل التي يخجل الإنسان أن يطرحها على مستوى الإعلام , ولا أعلم كيف يتحدثوا بهذه الطريقة في الإعلام ليقدحوا في النائب العام بعد تغيير و ثورة حملت شعارات الحرية والسلام و العدالة , فالعدالة هي أحد المطالب الأساسية من مطالب الثورة , و الآن وكلاء النيابة في السودان يطعنون فيس هذه العدالة فما بالك بالمواطنين , و هي العدالة متمثلة في النائب العام و هذا أمر خطير جدا
و من الإشكاليات التي ذكرها في حديثه ضربه المثل بمحامي اسمه مأمون فاروق و هو محامي ذو خلفية سياسة – حسب قوله -و يتواجد دائما مع النائب العام في مكتبه و يتدخل في مواضيع لا علاقة له بها و غير مسؤول منها و هو في الأساس محامي وليس وكيل نيابة و لا يملك سند قانوني ليتحدث نيابة عن النائب العام ولا يملك سند قانوني ليتردد على مكتب النائب .
و من ضمن إنتقاداته لمأمون فاروق أنه هنالك بعض أسر المعتقلين السياسيين كانوا يطالبوا بالحرية لمعتقليهم و كان يتصدى لأسر المعتقلين مستمدا قوته من النائب العام و قد طالب النادي بمغادرنه للنيابة فورا لكن تالنائب لم يستجيب و عزا هذه المشاكل لقلة خبرة النائب العام بالإضافة للتدخلات
هذه القضية تجعلنا نتأكد تماما أنه لا توجد عدالة في السودان ولا تحقيق لمطالب الثورة و هذها حديث و موقف وكلاء النيابة المضربين عن العمل و هذه كأنه إجماع أن النائب العام لا يصلح لهذه المكانة و لا يطبق العدالة على الوجه المرجو بالتالي ما يمكن أن نتحدث فيه أنه يمكن لكل شخص أن يطعن في أي أمر قضائي صدر من النائب العام لأنه ليست لدينا ثقة في النائب العام وهذه منعدمة لدى وكلاء النيابة أيضا و هم ساعون لسحب الثقة منه , وهذه يعني أن الإعتقالات التعسفية و الجرائم التي وقعت و غض الطرف عنها و بعض أعمال اللجان قد تكون مسيسة و الغرض منها التشفي والإنتقام و لم يكن الغرض منه العدالة الحقيقية التي تجعل حتى الجناة على قناعة بأحكامها التي وقعت عليهم.
و من هنا نحن نطالب بأطلاق سراح كل المعتقلين تعسفيا أو إخضاعهم لمحاكمة عادلة بواسطة شخصيات متفق عليها من قبل رجال القانون يروا فيها الكفاءة ويقدموها كمرشحين ليقودوا دفة العدالة في السودان , و هذا ما ظللنا نطالب به حتى من قبل أن تطفو هذه الأزمة على السطح ولم تكن مسألة الظلم والقمح و عدم عدالة المحاكمات خافية علينا , لكن الأن على شعب السودانبي أن يدرك ذلك من خلال موقف وكلاء النيابة و ناديهم الذي هو يعتبر مسجلا و معلوم تكوينه بواسطة النائب العام حتى أن النائب العام أرسل مندوبا لحضور الجمعية العمومية للنادي , لكن عندما قدموا الطعون والدعاوى ضد النائب العام شكل مجلسا للمحاسبة لقيادات هذا النادي .
أخيرا نرفض كل أشكال تسييس العدالة و نطالب كل الشرفاء من وكلاء النيابة العامة و أعضاء النادي بالوقوف خلف ضرورة نزاهة القضاء والعدالة وضمان عدم تسييسه ليطمئن المواطن إن كان مخطئا أو مظلوما تجاه العدالة و القانون ولا يتخوف من ضياع حقوقه .. فمن يصلح الملح إذا الملح فسد , إذا كان النائب العام المنوط به الإصلاح فاسد فمن يصلحه .