الطيب مصطفى يكتب: لماذا يشن الحزب الشيوعي وتابعوه الحرب على مجلس شركاء الفترة الانتقالية؟!
لم ادهش البتة للحملة الشعواء التي يشنها الحزب الشيوعي على مجلس شركاء الفترة الانتقالية سواء بالاصالة او بالوكالة من خلال واجهاته السياسية المتعددة ، ذلك ان الحزب العجوز مزروع في احشاء كثير من القوى السياسية التي سآتي على ذكر بعضها لاحقاً.
قبل ذلك اود ان اذكّر بان الحزب الشيوعي رفض من البداية ، على لسان صديق يوسف ، اتفاق جوبا بعد ان اتهم المكون العسكري بابرامه بغرض تغيير الحاضنة السياسية (قحت) التي كان الشيوعي مسيطراً عليها بل كان يقود بها الدولة التي تمكن من الامساك بمفاصلها في مجلس الوزراء والخدمة المدنية.
من يطلع على بيان مجلس الوزراء وكذلك بيان مركزية قحت الرافض للحاضنة السياسية الجديدة التي استوعبت كل شركاء الحكم (المكون العسكري وقيادات اتفاق جوبا وممثلي قحت) يستغرب ان يرفض اولئك المعترضون تكوين حاضنة سياسية جديدة بتمثيل اشمل بينما يدافعون بضراوة عن حاضنة صغيرة بتمثيل فصيل صغير هو قحت بالرغم من انه لا وزن له على المستوى الشعبي والسياسي فضلاً عن انه يضج بالتشاكس بين مكوناته ولا يصدر عن مرجعية سياسية او فكرية او عن قواسم مشتركة معتبرة.
رفض مركزية قحت قرار انشاء المجلس او الحاضنة الجديدة يعكس التأثير الهائل للحزب الشيوعي على مكوناتها من الاحزاب اليسارية التابعة له بل وتأثيره حتى على حزب الامة الذي بدا واضحاً تأثره بغياب زعيمه الراحل خاصة وان بناته ذوات التأثير الكبير حالياً ، متهمات بالتماهي مع اليسار اتساقاً مع توجهاتهن العلمانية او شبه العلمانية الغريبة على مرجعية كيان الانصار التي ارساها جدهن الاكبر الامام المهدي وسار عليها والدهن الامام الصادق المهدي، واظن ان فرضهن ذلك التوجه الغريب المناقض لمرجعية الحزب والكيان الطائفي سيكون ذا تأثير بالغ على مستقبل الحزب وربما يؤدي الى انفضاض القاعدة الصلبة ممثلة بطائفة الانصار التي تعتبر الشريعة الاسلامية خطاً احمر بل هي القاعدة الاساسية التي انطلق منها الامام الاكبر محمد احمد المهدي وقاد بها معركة تحرير السودان.
العجب العجاب أن قحت ومجلس الوزراء يعلمان ان صلاحيات مجلس شركاء الفترة الانتقالية منصوص عليها في المادة (80) من الوثيقة المعدلة والتي وافقوا عليها وهم بكامل قواهم العقلية في اجتماع المجلس السيادي ومجلس الوزراء ، فقد منحت تلك المادة مجلس الشركاء (سلطة توجيه الفترة الانتقالية بما يخدم المصالح العليا للسودان)
من الغريب بحق ان يرفض حمدوك الذي (تتاوره) شيوعيته القديمة كل حين ، اقول يرفض حمدوك ومجلس وزرائه تدخل الحاضنة الجديدة الاكثر تمثيلاً لمنظومة الحكم ويصرون ، ومعهم قحت ، على ان تكون الحاضنة الجديدة مجرد مجلس تنسيقي لا شأن له بتوجه الدولة خلال الفترة الانتقالية ، وكأنهم كانوا نائمين او مخدرين حين نسوا ان يوردوا عبارة (تنسيقي) في الوثيقة المعدلة ، وابدلوها بالنص القطعي المؤكد لحق الحاضنة الجديدة في توجيه الفترة الانتقالية بما يخدم المصالح العليا للبلاد ، بالرغم من ان قحت الاقل تمثيلاً كانت تتدخل في كل صغيرة وكبيرة بل كانت تسيطر على كل مفاصل الدولة!
لا اظن ذاكرة الشعب نسيت حديث حمدوك في مؤتمره الصحفي في السعودية حين شكا من ان قحت لم تسلمه البرنامج الاسعافي للفترة الانتقالية ، اما الآن فانه يرفض اي تدخل من الحاضنة الجديدة الاكثر تمثيلاً والاقوى تأثيراً والاكثر كفاءة!
لماذا يرفض حمدوك والشيوعي وتابعوه من المكونات اليسارية ان تتولى الحاضنة الجديدة الاكبر ما ارتضاه لحاضنته الصغيرة السابقة قحت؟!
الامر لا يحتاج الى شرح فقد انتهت سيطرة الحزب الشيوعي بدخول المكونين الاخرين ممثلين في المكون العسكري وممثلي اتفاق جوبا مما يهدد نفوذه وسيطرته على السلطة.
حق للقائد مناوي ان يسخَر بل ويتوجع من (خرخرة) الحزب الشيوعي واتباعه وهم يلطمون الخدود ويشقون الجيوب حزناً على انتهاء ملكهم فقد قال مناوي رداً على ابراهيم الشيخ الذي يبدو انه نسي ما حدث له في الساحة الخضراء ، واعلن رفضه لصلاحيات مجلس شركاء الفترة الانتقالية المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية بل وقال ان اطراف عملية السلام لن يزحزحوا صلاحيات قحت والمجلسين السيادي والوزاري ، فقد قال مناوي ، مهدداً ومحذراً ، إن حديث ابراهيم الشيخ خطير وربما يغير المزاج السلس الذي جاء بعد (15) نوفمبر)مضيفاً : *(هذا يعني أننا لا رحنا ولا جينا)!
ما قاله ابراهيم الشيخ يعبر عن معظم مكونات قحت فقد اصدر حزب الامة بياناً غريباً يشبه بيانات الحزب الشيوعي ويعبر عن التغيير السريع الذي حدث في توجه الحزب بعد وفاة الامام الصادق رحمه الله ، اصدر بياناً اتهم فيه المكون العسكري -عدييييل كده- بلغة لا تحتمل التأويل بانه يتآمر على الديمقراطية حيث منح الحاضنة الجديدة صلاحيات تتغول على الاجهزة الأخرى فقد قال البيان إن (بعض الجهات ذات الاجندة والتي تحاول تعطيل المسير نحو الديمقراطية انحرفت بالفكرة من حيث الشكل والاختصاص والتكوين)
معظم مكونات قحت تناغمت مع حملة الحزب الشيوعي الرافضة للحاضنة الجديدة (مجلس شركاء الفترة الانتقالية) ، بينما اصطف العسكر وشركاء اتفاق جوبا مع الحاضنة الجديدة ولم يشذ منهم الا عرمان الذي غلبت عليه شقوته وانتماؤه الشيوعي القديم مما جعله يتنكر لحاضنته (الجبهة الثورية) في موقف مخز يشكك في الرجل الذي ظل على الدوام يقدم الايدولوجية على مطلوبات تحالفاته، وليت حركات دارفور تعي الدرس وتعلم ان تحالفها مع الحركة الشعبية لا يقوم على ساقين لان اجندتهما مختلفة.
كان الاولى بالرجل ان يصمت ولو مجاملة لحاضنته بدلاً من ان يضعفها وينحاز لشانيئها ومبغضيها بحديثه السالب عن مجلس شركاء الفترة الانتقالية فقد قال الرجل (إن تكوين المجلس به عيوب)! .. وكأن قحت التي اذاقت السودان وشعبه صنوفاً من القهر والفشل كانت خالية من العيوب!
هو هكذا طوال عمره ، وذلك ما جعله محل تشكيك كل من تعامل معه.
لا اريد ان استرسل فقد ابنت أن الحزب الشيوعي يوظف حاضناته السياسية مثل لجان المقاومة التي انشقت وخرج كثير منها من سطوة الحزب الشيوعي وكذلك تجمع المهنيين المنشق بعد ان خرج عليه ومنه ايقونته الاصم وكثير من قياداته غير الشيوعية.
كل حجج الرافضين داحضة تماماً فقد حاولوا المزايدة بمنطق معوج مثل حديثهم عن اغفال المجلس لتمثيل المرأة ناسين انهم هم من جنوا على المرأة كونهم لم يرشحوا غير امرأة واحدة من الـ (13) فرصة التي اتيحت لهم ، فقد كان بامكانهم ان يختاروا نصف او معظم ممثليهم من النساء ، لكن ماذا نفعل مع البلطجة والاستهبال؟! ليت الحاضنة الجديدة (مجلس شركاء الفترة الانتقالية) لا تكترث للابتزاز والضجيج الذي يثيره الحزب الشيوعي وتابعوه فهذه حشرجة مذبوح يعاني منها الحزب الشيوعي الذي يتحمل كامل المسؤولية عن كل الاخفاقات والكوارث التي حاقت بالبلاد والعباد منذ ان تسيد الفترة الانتقالية فأحال حياة الشعب الى جحيم لا يطاق. ليت المجلس الجديد يمضي نحو استكمال مطلوبات الانتقال وتكوين مجلس الوزراء والمجلس التشريعي حتى يصحح الاوضاع الكارثية التي تسببت فيها حكومة حمدوك بقيادة الحزب الشيوعي.