التطبيع الإسرائيلي يهز المرحلة الإنتقالية الهشة في السودان
نشرت صحيفة (وول ستريت جورنال) تقريرا قالت فيه إن اتفاقية التطبيع السودانية مع إسرائيل أحدثت انقسامات داخل التحالف الهش الحاكم. وقال نيكولاس باريو معد التقرير إن الصدع زاد داخل الائتلاف الحاكم مما يعني تأخير تطبيق العناصر المركزية في الاتفاق ويمكن أن يزعزع استقرار بلد لا يزال يعاني من عقود من الحرب. وقال دونالد ترامب الشهر الماضي إن السودان الذي استقبل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وافق على تطبيع العلاقات مع إسرائيل في إعادة تشكيل للقوة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ووافقت إدارة ترامب مقابل هذا على إزالة اسم السودان عن قائمة الدول الراعية للإرهاب. وكان التصنيف سببا في منع حصول السودان على الدعم الدولي لإنعاش اقتصاده المتداعي. ووافق السودان وإسرائيل على فتح السفارات في تل أبيب والخرطوم. ويعتبر الاتفاق انتصارا دبلوماسيا لإدارة ترامب قبل الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها يوم الثلاثاء.
وفي العاصمة الخرطوم أرسلت الحكومة قوات لقمع التظاهرات التي اندلعت بعد إعلان البيت الأبيض عن الاتفاق. وهددت ثلاثة أحزاب دعمت الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير أنها قد تسحب دعمها للحكومة الانتقالية المكونة من الجيش ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية. وقال قادة هذه الأحزاب إنه تم استبعادهم من المحادثات مع الإسرائيليين والمسؤولين الأمريكيين والتي قادها رئيس المجلس العسكري الجنرال عبد الفتاح البرهان. وقال زعيم حزب الأمة السوداني، الصادق المهدي: “يفتح التطبيع مخاطر على الوضع الانتقالي الهش”. وقال زعيم حزب الأمة المشارك في الائتلاف الحاكم: “يخرق القرار الدستور السوداني ويمكن أن يؤدي بسهولة لانهيار الحكومة”. وقال إريك ريفز، الزميل في معهد ريفت فالي بنيروبي، إن الكثير من السودانيين الذين نشأوا على معارضة إسرائيل ودعم القضية الفلسطينية في إعلام الدولة يعارضون التطبيع. وفي استطلاع نظمه قبل فترة المركز العربي للبحث ودراسات السياسة بالدوحة، قطر، وجد أن نسبة 13% من السودانيين دعمت التطبيع مع إسرائيل. وقال ريفز: “لم يؤد التطبيع فقط إلى خلق توترات سياسية لا مبرر لها بل وأدى لتقوية ساعد البرهان والجيش”. وبالنسبة لمحمد علي، 30 عاما، الذي يعمل في مصرف وليس مرتبطا بالقضية الفلسطينية مثل والديه أو معاداة إسرائيل فهو يرى أن هذا الاتفاق “سيعبد الطريق أمام النمو الاقتصادي وخروج السودان من العزلة وحصوله على استثمارات جديدة”. ودافع البرهان في مقابلة مع التلفزيون الحكومي السوداني الأسبوع الماضي عن الاتفاق الذي قال إنه سيؤدي إلى تعافي الاقتصاد السوداني. ويعاني البلد من دين بقيمة 60 مليار دولار وهو رقم أعلى من دخله السنوي وقال: “سنستفيد أكثر من أي طرف آخر”. وأضاف البرهان أن الحكومة ستقدم الاتفاق إلى المجلس التشريعي الذي سيتم تشكيله. فيما سيتم تأخير فتح السفارات لحين ذلك. وبحسب الاتفاق الذي وقع بين الجيش والجماعات المدنية فالمجلس سيكون بمثابة برلمان انتقالي لحين عقد الانتخابات في 2022. لكن تشكيله يعتمد على عقد الحكومة مصالحة مع جماعتي تمرد رفضتا حتى الآن أن تكونا جزءا من اتفاقية التطبيع مع إسرائيل. وأكدت على أن المصالحة مع الحكومة لا تعالج حقوق الضحايا في الحروب الأهلية أثناء حكم البشير. ولم يعلق تجمع المهنيين السودانيين الذي لعب دورا مهما في التظاهرات التي أطاحت بالبشير وستكون أكبر كتلة في البرلمان، على اتفاقية التطبيع مع إسرائيل. ولكن التجمع أعاد الاحتجاجات ضد الحكومة الانتقالية بما في ذلك قرارها رفع الدعم عن الوقود والقمح. وكجزء من الاتفاق الذي رعته أمريكا قالت إسرائيل إنها ستتبادل مع السودان الخبرة في مجال الزراعة وزيادة المحاصيل في جو الصحراء السودانية. وهناك ربع سكان السودان البالغ عددهم 41 مليون نسمة ليس لديهم ما يكفي لتناوله. ولكن التجار وجدوا صعوبة في بيع ما لديهم من مواد ومحاصيل لأن التضخم وصل إلى 200% وجعلهم بعيدين عن الناس العاديين.
ويشعر الكثير من السودانيين أن قرارات مهمة في السياسة أملاها وفرضها الخارج على البلاد. وقال صاحب محل حبوب في مدينة الأبيض، اسمه إبراهيم حسن: “يبدو هذا دعاية انتخابية للأمريكيين”. وقال حسن إن السودانيين العاديين لم ينتفعوا من مئات الملايين من الدولارات التي أرسلتها الإمارات “ولا أعتقد أن هذا سينفع بلدنا”.
الإنتباهة أونلاين